ثمَّ ترفع يديك وتقول : « اللّهُمَّ إنّي أسْأَلُكَ مَسْألَةَ المِسْكِين المسْتَكِين ، العَليلِ الذَّليلِ الَّذي لَمْ يُرِدْ بِمَسْألَتِهِ غَيرَكَ ، فَإنْ لَمْ تُدْرِكْهُ رَحْمَتُكَ عَطِبَ ، أَسأَلُكَ أنْ تُدارِكَني بِلطْفٍ مِنْكَ ، وَأنْتَ الَّذِي لا تُخَيِّبُ سائِلَكَ (١) ، وَتُعْطِي المَغْفِرَةَ وَتَغْفِرُ الذُّنُوبَ ، فَلا أكُونَنَّ يا سَيِّدي أنا أهْوَنَ خَلْقِكَ عَلَيْكَ ، وَلا أكُونُ أهْوَنَ مَنْ وَفَدَ إَلَيْكَ بِابْنِ حَبيبِكَ ، فَإنّي أمَّلْتُ وَرَجَوتُ ، وَطَمِعْتُ وَزُرْتُ وَاغْتربْتُ (٢) ، رَجاءً لَكَ أنْ تُكافِيَني إذْ أخْرَجَتَني مِنْ رَحْلي ، فَأَذِنْتَ لي بِالمَسِير إلى هذا المَكانِ رَحْمَةً مِنْكَ ، وَتَفَضُّلاً مِنْكَ ، يا رَحمنُ يا رَحيمُ ».
واجتهد في الدُّعاء ما قدرت عليه ، وأكثر منه إن شاءَ الله ، ثمَّ تخرج من السَّقيفة وتقف بحذاء قبور الشُّهداء تؤمي إليهم أجمعين وتقول : « السَّلام عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ ، السَّلام عَلَيْكُمْ يا أهْلَ الْقُبُورِ مِنْ أهْلِ دِيارِ المُؤمِنينَ ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُم فَنِعمَ عُقْبى الدَّارِ ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ يا أولياءَ الله ، السَّلامُ عَلَيْكُم يا أنْصارَ اللهِ وَأنْصارَ رَسُولِهِ ، وَأنْصارَ أميرِ المؤمِنينَ ، وَأنْصارَ ابْنِ رَسُولِهِ وَأنْصارَ دينِهِ ، أشْهَدُ أنَّكُمْ أنْصارُ اللهِ كَما قال اللهُ عزَّوجَلّ : « وَكأَيِّنْ مِنْ نَبيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أصابَهُمْ في سَبيلِ اللهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا (٣) » ، فَما ضَعُفْتُمْ وَما اسْتَكَنْتُمْ ، حَتّى لَقِيتُمُ اللهَ عَلى سَبيلِ الحَقِّ ، صَلّى اللهُ عَلَيْكُمْ وَعَلى أرْواحِكُمْ وَأبْدانِكُمْ وَأجْسادِكُمْ ، أبْشِرُوا بِمَوعِدِ اللهِ الَّذي لا خُلْفَ لَهُ وَلا تَبْدِيلَ ، إنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ وَعْدَهُ ، وَاللهُ مُدْرِكٌ بِكُمْ ثأرَ ما وَعَدَكُمْ (٤) ، أنْتُمْ خاصَّةُ اللهِ اخْتَصَّكُمْ اللهُ لأبي عَبْدِاللهِ عليهالسلام ، أنْتُمُ الشُّهداءُ وَأنْتُمُ السُّعَداء ، سُعِدْتُمْ عِنْدَاللهِ ، وَفُزْتُمْ بِالدَّرَجاتِ مِنْ جَنّاتٍ لا يَطْعُنُ أهْلُها وَلا يُهْرَمُونَ ، وَرَضُوا بِالمَقامِ في دارِ السَّلامِ ، مَع مَنْ نَصَرْتُم (٥) ، جَزاكُمُ اللهُ خَيْراً مِنْ
__________________
١ ـ في بعض النّسخ : « لا يخيّب سائلك ».
٢ ـ أي اخترتُ الغربة وتركتُ الوطن.
٣ ـ آل عمران : ١٤٦.
٤ ـ قوله : « ثأر ما وعدكم » لعلّ الإضافة بيانيّة ، أو المعنى : ثَأْرَ ما وَعَدَكُمْ ثَأرَهُ ، وفي التهذيب : « ثأراً وعدكم » وهو أظهر. ( البحار )
٥ ـ قوله : « لا يطعن أهلها » على بناء المعلوم ـ بضمّ العين ـ أي لا يشيبون ، عن قولهم : طعن في السِّنّ إذا ذهب فيه ، أو على بناء المجهول من الطَّعن بالرّمح ونحوه ، أو من الطّاعون. وفي بعض النّسخ بالظّاء المعجمة من الطَّعن بمعنى السِّير ، أي لا يخرجون منها. وقوله : « مَعَ من