نزيلك ، ان سرنى جزيلك ، وعديلك ان ضحك الى منديلك ، وسميرك ان روانى نميرك. فبادرت البدرة ففضضتها ، والصرة فافتضضتها ، والعيبة (٢٤٢) فنفضتها ، والمعادن فأفضتها. فقال : بوركت من مواس ، وأنشد قول أبى نواس (٢٤٣) :
ما من يد فى الناس واحدة |
|
كيد أبو العباس (٢٤٤) أولاها |
نام الثقات على مضاجعهم |
|
وسرى الى نفسى فأحياها |
ثم قال : نم فى أمان ، من خطوب الزمان ، وقم فى ضمان ، من وقاية الرحمن. فلعمرى وما عمرى على بهين ، ولا الحلف على بمتعين ، لو كان الجود ثمرا لكنت لبابه ، أو عمرا لكنت شبابه ، أو منزلا لكنت بابه.
فما هو الا أن كحلت جفنى بميل الرقاد ، وقدت طرفه سلس المقاد ، وقام قيم الخان الى عادة الافتقاد ، وبادر سراجه بالايقاد ، ونظرت
__________________
(٢٤٢) العيبة : الزنبيل.
(٢٤٣) أبو نواس : هو الشاعر أبو الحسن بن هانئ الفارسى الاصل ، المولود عام ١٤٠ ه (٧٤٧ م) عاصر هارون الرشيد الخليفة العباسى ثم ابنه الامين ، فكان شاعرهما. اشتهر بمجونه وتهتكه ، وكثيرا ما حبساه لظهور ذلك فى شعره ، توفى بعد مقتل الامين عام ١٩٩ ه (٨١٣ م) ببغداد. ويعتبر أبو نواس ممثل المدرسة الشعرية الحديثة ، وقد ظهر تجديده فى خمرياته وغزله بالمذكر. فهو فى هذين المجالين خصب الفكرة ، واسع الخبرة ، بحيث يستطيع أن يتغنى بمحاسنهما فى صور متجددة.
راجع : ديوان أبى نواس «المقدمة» ج ١ ص ٢٤٨ ، نشر وتحقيق ايفالد فاغر (القاهرة عام ١٩٥٨ م).
(٢٤٤) يعنى بأبى العباس الوزير «الفضل بن الربيع» المكنى بأبى العباس. وأبو نواس بهذين البيتين يمدح أبا العباس هذا ، بعد أن تم اطلاقه من السجن على يده. وقوله «وسرى الى نفسى ..» يعنى : سرى الممدوح الى نفسه فأحياها ، بعد أن أنقذه من السجن.