والكنيسة الثانية يدخل إليها من الرحبة السالفة الذكر بابها متجه إلى الجنوب وهي كنيسة واسعة بنيت علاوة على معبد قديم مبني على اسم الأربعين شهيدا وسيأتي الكلام عليه. محل جرن المعمودية في هذه العلاوة محمول سقفه على عمودين من الحجر الأصفر البعاديني قاعدتهما من هذا الحجر أيضا إلا أن فيها من النقوش ما يشهد ببراعة صانعهما.
وفي الجدار المتجه إلى الجنوب من هذه الكنيسة المضافة لوح مفتوح من القماش الكثيف الملون طوله نحو أربعة أمتار في عرض مثلها قد مثل فيها صاحبها الموقف للمناقشة بالحساب يوم الآخرة فرسم عليها صور أشخاص منضمين إلى بعضهم زرافات ووحدانا كأنهم يتسارون ويتحدثون في أمور هامة وفي أسفل القطعة صف من صور أشخاص منضمين إلى بعضهم مثنى وثلاث قد وقف على رؤوس بعضهم الشيطان والتف على بعضهم الآخر أفاع عظيمة تنهش لحومهم وقد كتب تحت كل زمرة منهم عبارة تفصح عن نوع معصيتهم التي يعاقبون من أجلها فكتب تحت صورة زمرة منها (هؤلاء الظلمة) وتحت أخرى (هؤلاء المتكلمون في أعراض الناس) وتحت أخرى (هؤلاء القتلة) وتحت أخرى (هؤلاء السراق) وتحت أخرى (هؤلاء المتكبرون) إلخ ثم كتب في أسفل اللوح هذه العبارة (وكان المجتهد بعمل هذه الدينونة المكرمة المقدسي كركور الشماع ابن المقدسي كرابيد بالمقام الكهنة المسيحيين إلى كنيسة الأربعين شاهد المعظمين في مدينة حلب المحروسة ، فيسأل كل من نظرها يترحم علي والديه ويطلب له المغفرة من الله تعالى وذلك بتاريخ سنة ١٧٠٨ المسيحية صورها بيده الخاطئة قسيس نعمة الله ابن خوري يوسف المصور وابنه حانينا فيسأل كل من نظرها يدعي لهما بالغفران وذلك في تاريخ ٧٢١٦ لأبينا آدم عليه أفضل التحية والسلام).
ومن الصور الموجودة في هذه الكنيسة صورة العذراء جالسة في حجرها طفلها المسيح عليه السلام يرضع وابن خالته يحيى يقبله وهي تنظر إليهما وهذه الصورة تعد من العاديات العظيمة القيمة لإحكام صنعها الذي يتنافس فيه المشتغلون بصنعة التصوير ويقال إنها لولا طمس في طرفها لكانت قيمتها لا تقل عن ١٥٠٠ ذهب. أما المعبد القديم الذي تقدم ذكره ووعدنا بالكلام عليه فهو عبارة عن غرفة في الشرق الجنوبي من هذه الكنيسة طولها عشرة أذرع في عرض سبعة تقريبا في صدرها الشرقي شبه هيكل يصعد إليه بدرجة في أطراف هذه الغرفة عدة قبور كتب على نصبة أحدها بالأرمنية ما معناه أن صاحب هذا