كقارئ لهما وقال ومصدق إياهما ، فهما ـ إذا ـ أمامهما في الاتجاه ، مهما كان القرآن ورسوله إمامهما في التوجيه.
ثم التصديق لما بين يديه منحصر بما أنزل بوحي الله ، منحسر عما سواه لمكان سابق الذكر للكتاب ، والنبي ليس ليصدق إلا النبي ، ولا كتاب الوحي إلّا مثله دون ما يناقضه ام ليس بمحتواه من حيث الوحي ، الا تصديقا لصادق الواقع ولكنه ليس تصديقا رساليا ، و «مصدقا» هنا تعني الرسالي والرسولي ، ف (لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) رسولا وكتابا ليس إلّا خالص الوحي مثله ، فان في تصديق المختلق تكذيبا لنفسه وتصديقا للمتضادين! ، ولا يعارض تصديقه لما بين يديه نسخه لقسم من أحكامه حيث النسخ بيان لأمد الحكم السابق وليس تكذيبا لوحيه ، ولا يعني تصديق القرآن لما بين يديه إلّا تصديق وحيه دون تطبيقه المطبق المطلق ، قضية ضرورة النسخ لقسم من الأحكام السالفة حتى في شرعة واحدة فضلا عن شرائع عدة.
وقد بين نطاق التصديق في قسم من آية ك (قُلْ آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللهُ مِنْ كِتابٍ) (٤٢ : ١٥) و (قُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ) (٢٩ : ٤٦) كما والقرآن بيان لما اختلف فيه أهل الكتاب من الكتاب دسا وتحريفا وتجديفا : (وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ) (١٦ : ٦٤) (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ). (٢٧ : ٧٦)
وكما يصرح في عشرات من آياته أن اهل الكتاب حرفوا من كتبهم قسما من جهات أشراعها ومن أهمها البشائر الواردة فيها بحق هذا الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) : (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ) (٧ : ١٥٦) فقد حرفوا بشائره لفظيا ومعنويّا كما حرفوا منها أحكاما وقصصا تحمل أحكاما أخرى : (... يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ