ضمانها ـ يترجونها اعتبارا على عدم استحقاقها كأصل اولى مهما كتب ربكم على نفسه الرحمة.
وقد تعني «لعلكم» تعليق واقع الرحمة على واقع الطاعة طبقا عن طبق. ثم لطاعة الله والرسول درجات ، ومهما كانت رحمة الثواب مضمونه لمن مات على الطاعة ولكن رحمة الغفران عن السيئات غير مضمونة إلا لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى ، وكذلك رحمة ترفيع الدرجات ، ف (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) تشمل كافة الرحمات واجبات وراجحات في الدنيا والآخرة ، وكلها تتبنى طاعة الله والرسول ، درجات من الرحمات بدرجات من الطاعات (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى).
ذلك وكما نرى هذه الغاية المترجّاة في ست أخرى (١) من الآيات منها : (وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (٣ : ١٣٢).
فلا رجاء في رحمة لمن لم يطع الله والرسول ، إنما هو للمطيع مهما اختلفت درجات الرجاء الي قمتها المعنية وللمعصومين.
ثم وليس فحسب أن «أطيعوا ..» ما صدق أنها طاعة ، بل :
(وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) ١٣٣.
«سارعوا» هي سباق في السرعة ، و (إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) تعم مغفرة الدنيا والآخرة ، كما وتعم الى مغفرة السيئات الحاصلة مغفرة السيئات الهاجمة ولمّا تحصل في الأولى.
والمسارعة إلى المغفرة تعني المسارعة إلى أسبابها المعنيّة في الكتاب والسنة جملة وتفصيلا.
__________________
(١) والست الأخرى هي ٧ : ٦٣ و ٢٠٤ ـ ٢٤ : ٥٦ ـ ٢٧ : ٤٦ ـ ٣٦ : ٤٥ ـ ٤٩ : ١٠.