والعقلية الانسانية فالمتخلف عنها متخلف عن الكلمة السواء مهما كان مسلما او من هود او نصارى.
(يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (٦٥).
لقد حاج أهل الكتاب رسول الهدى (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في إبراهيم كأنه يهودي أو نصراني ، حجة واقعية من الرسالة الإبراهيمية المقبولة لدى الكل ، فتهوده او تنصره قد يقضي على (كَلِمَةٍ سَواءٍ) او يتهافتان.
ولكنهم محجوجون في هذا المسرح قبل كل شيء بأنه (ما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ) فكيف يعقل تهوّده وتنصره (أَفَلا تَعْقِلُونَ) (أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطَ كانُوا هُوداً أَوْ نَصارى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللهِ) (٢ : ١٤٠).
ذلك ولقد جرت العادة للمبطلين ان يضموا أنفسهم الى قادة المحقين لكي يبرروا باطلهم كأنه حق ، حينما كلّت كل حججهم عن إثبات الباطل وتزييف الحق.
(ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ حاجَجْتُمْ فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (٦٦).
المحاجة الحقة الصادقة هي التي تتبنى العلم ، والتي لا تتبناه هي من الباطل ، فلتكن لأهل الكتاب محاجّتان اثنتان حقة وباطلة ، فما هي الأولى؟ والأخيرة ظاهرة من تلك الحوار ، من المحاجة الحقة للنصارى ما احتجوا به لإثبات رسالة السيد المسيح على اليهود وهم ناكروها ، ومنها لليهود عليهم ما احتجوا به لإبطال ألوهية المسيح والتثليث أماذا من حجاجات حقة بينهم أنفسهم.