(وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) ٧٥.
مثال ماثل بين أيدينا لغايتي الأمانة والخيانة الكتابية ، فمنهم (مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ) كالذين ائتمنوا كتاب الله فأدوه إلى اهل الله بكل البشائر المودوعة فيه لأهليه (وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ) بخلا عن أداء أمانته على قلتها (إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً) تقوم على أمانة البشارة وسواها بحجة كتابية لا حول عنها ، و «ذلك» البعيد البعيد «بأنهم» الخونة لا كلهم (قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ) وهم غير الكتابين أنفسهم ، سلبا لسبيل القيادة الروحية وسواها وسائر الحقوق عن بني إسماعيل الأميين كأنها محصورة في الكتابيين أنفسهم محسورة عمن سواهم! (وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) دونما تقوى في طغواهم (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) الحق وانهم كاذبون في نكرانه : (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً) (٤ : ٥٣) تعني ـ فيما تعنيه ـ الملك الروحي ، فكأن لهم نصيبا من ذلك الملك يملكونه فيختصون به أنفسهم ولا يؤتون سائر الناس منه نقيرا!.
وقد يعني المثال الأول قسما من النصارى والثاني اليهود ف (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ. وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ) (٥ : ٨٢).
وقد تعني «ليس علينا في الأميين سبيل» كل حق هو لهم ، فلا علينا ان نؤدي حقهم مهما كانت امانة ، فلما نزلت قال النبي (صلى الله عليه وآله