وأحسنها وانضرها وانظرها ، تكريسا لها كلها للاعتصام بحبل الله ، تقديما له على سائر الحبال وكما قال : (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ).
ذلك والى تدبر واسع حول آية الاعتصام بحول الله الملك العلام.
ولنعرف «حبل الله» جيدا جادا لكي نتمكن من الاعتصام به جميعا ولا نتفرق عنه او فيه؟ «حبل الله» لا تحمله إلّا هذه الآية اليتيمة ، اللهم إلّا (بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ) (٣ : ١١٢) وقد تعني (بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ) حبل الله هنا مهما اختلفا محتدا في شريعتي القرآن والتوراة.
فقد يخيل الى البسطاء انه غير مفسّر في القرآن ، والقرآن هو ككلّ حبل الله ، إذ لا وسيط ـ منذ بزوغ الإسلام حتى القيامة الكبرى ـ بين الله وبين المرسل إليهم إلا القرآن كأصل ثابت لا عوج له ولا حول عنه ولا أفول لشمسه ، ومن ثمّ الرسول وذووه المعصومون (عليهم السلام) تفسيرا له وتأويلا ، وحبل القرآن أتم وأدوم وأكمل وأعظم ، والحبل الظاهر الدائم هو المحور الأصيل لواجب الاعتصام على مدار زمن التكليف ، كما انه الحبل للرسول والائمة من آل الرسول (عليهم السلام).
فهو الصراط المستقيم والنور المبين وحجة الله على الخلق أجمعين والشهيد لرب العالمين ، فمواصفات القرآن في نفسه بأسمائه وفي آيات منه تؤكد لنا انه حبل الله المتين وسببه الأمين لا يعوج فيقام ولا يزيغ فيستعتب ، وكما يروى عن ثاني الحبلين رسول القرآن (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قوله : «كتاب الله هو حبل الله الممدود من السماء الى الأرض» (١) و «ان هذا القرآن سبب طرفه بيد
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ٦٠ ـ اخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ...