خلقه من حيوان ـ إنه تفريط في الكتاب.
كما تتأيد ثالثة ب (ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) حيث إن واجب الحشر هو قضية التكليف الذي هو قضية الشعور ، وليس من عدل الله سبحانه ألّا يحشر ذا روح له ما لسائر ذوي الأرواح من شعور واختيار مهما كانا درجات كما بين الانس والجان وسائر الحيوان درجات.
(... إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ...) والمماثلة هنا في كونها أمما كما أن سائر المكلفين أمم ، وكما تعني المماثلة في الحيوية الحيوانية في سائر سؤلها ، كذلك وفي كونها جمعية الحياة دون فرديتها ، كما قد يخيّل إلى متخيلين أن الإنسان هو ـ فقط ـ مدني بالطبع.
ذلك ، كما وأن آيات النمل والهدهد ودابة من الأرض تكلمهم والنحل وما أشبه ، التي تنبّهنا بطرف من حياتها وحيوياتها ، تشهد بأنها (أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ) ، وطالما يفحص العلم ـ على تقدمه البارع ـ عن حياة مختلف الحيوان ، ما يحق أن يفرد ـ وكما أفرد ـ لكلّ كتاب فذ ، ولمّا يصل إلى الواقع الحيواني لحياتها المادية ، فهي أمم أمثالكم وفي القضايا الروحية ، فقد لمحت هذه الآية إلى مئات ومئات من أسرار حياة الحيوان.
حقيقة هائلة تستطيع التحليق على ما ناله العلم وما لم ينله أم لن ينله ، ومتى ذكرت؟ حين لم يكن لهم علم بالإنسان فضلا عن سائر الحيوان.
حقيقة تجمع كافة صنوف الحيوان في أممها ، لها سماتها وخصائصها وتنظيماتها ، كذلك وهي الحقيقة التي تتسع مساحة رؤيتها وهندسة عمارتها كلما تقدم العلم بركبه السريع.
ومن كونها أمثالنا ـ كأبرزه ـ مماثلة التكليف والجزاء في أصلها ، مهما