الأمم الرسالية كأصول من سؤلهم ، ثم الفروع تتبناها حيث تتفرع عليها ، ولا سيما بضم السنة إلى القرآن فإنّها كما القرآن وحي من الرحيم الرحمان (١) (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ).
وقد تلمح «من» في «من شيء» الى استغراق «الكتاب» كلّ شيء بأبعاضها ، دون أن يكمل شيء وتهمل أبعاض منه ، مهما كان بيانا كضابطة تشمل كلّ شيء من كلّ شيء.
وفي رجعة أخرى إلى الآية نقول :
هنا (أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ) لا بد أن تحمل مثل الإنسانية في اختصاصات إنسانية مزعومة ، حيث الممثل يحمل من الممثل به خواصا من خصوصياته ، دون المشتركات المعروفة كاختصاصات الحيوانية العامة ، أو المختصات الثابتة ككون الإنسان مخلوقا في أحسن تقويم من حيث القابلية ، وأنه يتدرج في الكمال ما لا يتدرجه أي حيوان ، فمما كان يزعم من خاصة إنسانية له أنه مدني بالطبع ، فكذلك ـ كما هنا ـ لكلّ حيوان! مهما اختلفت مدنية عن مدنية.
ومنه أن الإنسان مسئول مكلف بعقليته ، فكذلك كلّ حيوان بشعوره ، كلّ كما يعقل أو يشعر ، ومنه حشر الإنسان للحساب وتحقيق العدل والفضل الرباني غير المتحقق منه في حياة التكليف ، فكذلك كلّ حيوان.
فهذه الزوايا الثلاث من هندسة الكيان الانساني مشارك فيها بينه وبين سائر الحيوان مهما اختلفت الدرجات وكما تختلف درجات الإنسان في ذوي نوعه.
ذلك وقد أمرنا بالتدبر في كيان سائر الحيوان كما الإنسان : (وَفِي
__________________
(١) راجع لمعرفة التفصيل ل «تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ» تفسير آية النحل في ج ١٤ : ٤٤٨ ـ ٤٥٢.