ذلك «ولو أن الناس حين نزل بهم النقم وتزول عنهم النعم فزعوا إلى ربهم بصدق من نياتهم ووله من قلوبهم لرد عليهم كل شارد وأصلح لهم كل فاسد» (١).
أرأيت لما ذا «أرأيتكم» خطابا لجمع الواحد والجمع؟ خطاب الواحد قد يعني مع كلّ واحد من المكلفين الرسول (ص) و«كم» هم مجموعة المكلفين ، فهما ـ ذا ـ جمعان بفارق أن الأول على الأبدال والثاني على جمع الجمع ، فالمعني ـ إذا ـ أرأيت أنت أيّا كنت وحتى الرسول (ص) «رأيتكم» حيث المرئي كلّ المجموعة ، فإن عذاب الله لا يفرق بين مستحقيه إذا جاء.
فحين يأتيكم عذاب الله أو تأتيكم الساعة الصاخة ، حينذاك يضطرب الآلهة مع عابديها ، فتضل عنهم في ألوهتها ، وكما تتجه الفطر إلى الذي فطرها ، وهما حجتان بارعتان على توحيد الحق وحق التوحيد. فالقلب الذي لا ترده الشدة إلى الله هو قلب هجير حجير ، لم تعد فيه نداوة تعصرها الشدة وتؤثر فيها الحدة ، حيث تعطلت فيه أجهزة الاستقبال الفطرية ، فلم يعد يستشعر هذه الوخزة الموقظة الموعظة ، فالشدة ابتلاء من الله لعبده ، فمن كان حيا أيقظته وفتحت مغاليق قلبه ، وردته الى ربه وكانت هذه الزحمة له رحمة كتبها فيما كتب على نفسه ، ومن كان ميتا بما أمات نفسه لم تفده شيئا ، وإنما أفاد الحق حجة على غير المستفيد ، ولجّة بما كان عنه يحيد.
ذلك ، وقد يكشف عما يسأل : كيف بالإمكان أن يكشف الله عن الساعة إذا أتت إن شاء ولا مؤجّل لها كما لا معجّل إياها؟ : (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ، قُلْ لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ ساعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ) (٣٤ : ٣٠).
__________________
(١) في نهج البلاغة عن علي امير المؤمنين (ع).