لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) (٣ : ١٧٨).
و«كان في مناجاة الله لموسى (ع) يا موسى إذا رأيت الفقر مقبلا فقل : مرحبا بشعار الصالحين ، وإذا رأيت الغنا مقبلا فقل : ذنب عجلت عقوبته» (١).
ذلك لأن الغنى بلاء هو أبلى من الفقر (إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى).
فدولة المال ودولة الحال في الدنيا ، وحتّى القيادة الروحية فضلا عن الزمنية ، بلاء ليس فوقه بلاء (٢) ، وليس إقبال الدنيا ككلّ دليل العصيان فهو من جزاءه ، إنما هو «إذا رأيت الله يعطي العبد في الدنيا ـ وهو مقيم على معاصيه ـ ما يحب ، فإنما هو استدراج كما قال الله (فَلَمَّا نَسُوا ...) (٣) ثم
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٧١٨ تفسير القمي عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله (ع) قال : كان ...
(٢) المصدر عن أبي حمزة قال سألت أبا جعفر عليهما السلام عن قول الله (فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ) يعني فلما تركوا ولاية علي بن أبي طالب (ع) وقد أمروا به (فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ) يعني دولتهم في الدنيا وما بسط لهم فيها ، وقوله : (حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ) يعني بذلك قيام القائم (ع) حتّى كأنهم لم يكن لهم سلطان قط فذلك قوله «بغتة» فنزل خبر هذه الآية على محمد (ص) وفيه عن المجمع روى عن النبي (ص) انه قال : إذا رأيت الله يعطي على المعاصي فإن ذلك استدراج منه ثم تلا هذه الآية ، ونحوه ما روي عن أمير المؤمنين (ع) انه قال : يا بن آدم إذا رأيت ربك يتابع عليك نعمه فاحذره.
(٣) الدر المنثور ٣ : ١٢ عن عقبة بن عامر عن النبي (ص) قال : إذا رأيت ... ثم تلا رسول الله (ص): (فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ) وفيه عن عبادة بن صامت ان رسول الله (ص) قال : إن الله تبارك وتعالى إذا أراد بقوم بقاء أو نماء رزقهم القصد والعفاف وإذا أراد بقوم اقتطاعا فتح لهم او فتح عليهم باب خيانة حتّى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة ...».