وسائر إقبالها بلية واجبة الرقابة حتّى تنجح فيها.
هنا (فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ) تستغرق كلّ أبواب البلاء بالنعم دولة ودولة ، جاها ومالا وعرضا ظاهرا في عرضه العريض ، وهم في خضمّ معاصيهم بظنونهم على شيء فالله يثيبهم على معاصيهم ويفتح عليهم رحمته في مآسيهم (حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا) وغمرتهم الخيرات والأرزاق المتدفقة واستغرقوا في متاعها بلا شكر ولا ذكر ، فازدادوا عصيانا وطغيانا (أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً) وفجأة حيث كان أخذهم على غرّة في سكرتهم يعمهون ، (فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ) : جائرون منقطعوا الرجاء عن كلّ خير ، عاجزون عن التفكر في أي اتجاه ، (فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ) : شديدو اليأس من معترض الحزن بأشده ، ترحا بالغا بعد فرح بالغ.
أجل ، وفتح أبواب كلّ شيء على الّذين نسوا ما ذكروا به هو في الحق سدّ لأبواب كلّ شيء ، حيث النّعمة تبدل عندهم نقمة ونعمة بما نسوا الله فأنساهم أنفسهم وهم لا يشعرون.
فهذه ضفّة أمام نعم الله المتواترة استدراجا فاستأصالا ، تواجهها ضفّة الإيمان الموعودة بنعم الرحيم الرحمان : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) (٧ : ٩٦).
فالبركات هنا وهناك في الصورة الظاهرة المادية مثل بعضها البعض ، ولكنها للمعرضين عن الله دركات ، ولأهل الله بركات فوق بركات (وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ).
(فَتَحْنا عَلَيْهِمْ) كلّ الأبواب المغلقة عليهم من زخرف الحياة الدنيا (حَتَّى إِذا فَرِحُوا) حيث ظنوا أن الّذي نزل عليهم من البأساء والضراء ما كان انتقاما منهم ، إذ بدل الله بهما أن فتح عليهم أبواب نعمه التي كانوا يبغونها ولا يصلون إليها.