الجن ورسل من الإنس ، إذ لو اختصت الرسالة برسل الإنس ف «منكم» في قبيل الجن مسلوبة ، كما لو اختصت برسل الجن كانت «منكم» في قبيل الإنس مسلوبة.
والقول إن «منكم» لا تدل على أزيد من كون الرسل من جنس المخاطبين وهم مجموع الجن والإنس لا من غيرهم كالملائكة حتى يستوحشوا منهم ولا يستأنسوا بهم ولا يفقهوا قولهم .. إنه غريب في موقفه ، فإن مجانسة الرسول مع مجموع المخاطبين تتطلب إما كون الرسول إليهم من الجن كما هو من الإنس ، رسولا ذا بعدين! أم إن لكلّ رسولا منهم.
كما وأن مجانسة الرسول مع المرسل إليهم من قواطع الأعذار استئصالا لها عن بكرتها حتى لا يقول جني لو أن رسولنا منا لكنا نعرف المسؤولية الكبرى فإنه أسوة لنا ، وكذلك الإنس ، فليكن لكلّ معشر عشيرة من جنسه اجتثاثا لجذور الأعذار.
ذلك ، وقد تلمح لاختلاف الرسل بين مختلف الجن والانس آيات ك : (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ) (٣٥ : ٢٤) (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ ..) (١٠ : ٤٧) ومن البيّن اختلاف أمتي الجن والإنس.
وكذلك (لَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ) (٦ : ٩) حيث المسانخة المؤنسة القاطعة للعذر ، هي مما يكمل بالغ الحجة الربانية.
ولا تدل آيات اصطفاء الرسل من الناس ك : (اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ) (٢٢ : ٧٥) و (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ) (٣ : ٣٣) إنها لا تدل على اختصاص الاصطفاء الرسالي بالإنس والملائكة ، فإنما تدل على أن الرسل الملائكي