والإنساني أصفى من سائر الرسل ، فرسل الجن هم على ضوء رسل الملائكة والإنس قضية هذه الآيات وآية المعشر هذه.
ولأن رسل الرسل رسل من الله تعالى كما في رسل المسيح (ع) فرسل الجن ـ ولا سيما قبل الرسالة الأخيرة ـ هم رسل الله بما يحملون رسالة الله مهما كانت فرعا لرسول البشر ، وأما بعد ختم الرسالة فقد تعني رسالة الجن رسالة العصمة دون وحي مهما كان فرعا على وحي القرآن إلى محمد (ص) ثم لا عصمة حاضرة زمن الغيبة ، إذا فرسالة الجن قبل ختم الرسالة هي رسالة فرعية بوحي على ضوء رسول الإنس وهي عند ختم الرسالة هيه دون وحي ، فإنما هي عصمة كافلة لأداء أمانة الوحي ، أم إن ربانيّي الجن في زمن الغيبة الكبرى هم النواب العامون للإمام الغائب كربانيي الإنس بين الإنس.
وهنا (شَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا) في استجوابهم عن إتيان الرسل ، شهادة على أنفسهم أنهم أتتهم رسل منهم بكامل القصّ لآيات الله وإنذارهم لقاء يومهم هذا.
ثم (وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ) شهادة ثانية بعد معترضة الجملة : (وَغَرَّتْهُمُ ..) انهم تركوا دعوة الرسل وغرتهم الحياة الدنيا فهم أولاء كافرون غير معذورين.
ولا تغر الحياة الدنيا إلّا من ينغرّ بها ويغترّ ، فلأنهم اغتروا بها حسن أن يقال إنها غرتهم ، كما و (غَرَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ) (٥٧ : ١٤).
والقول إن ضرورة المجانسة منقطعة في الرسول الملك إلى رسل الإنس والجن فلا ضرورة مطلقا؟ مردود بأن المجانسة مفروضة بين الرسول والمرسل إليهم ، وليست الرسل هم من المرسل إليهم لملائكة الوحي بل هم حملة الوحي إليهم ، رسالة منهم أولاء كوسطاء إلى سائر المرسل