إليهم ، ثم ولا عاذرة لهؤلاء الرسل ولو كانوا مرسلا إليهم في رسالة الملائكة إليهم.
(ذلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها غافِلُونَ)(١٣١) :
فالغفلة القاصرة هي العاذرة لأهليها دون المقصرة ، وهي الغفلة التغافل في جوّ الرسالة
الربانية ، ف «ذلك» الإرسال المتواتر لرسل الجن والإنس يعنى فيما عناه أن يكون إهلاك القرى بظلمهم دون غفلة قاصرة ، بل على تقصير منها بغفلة مقصرة ، إذا ف (وَأَهْلُها غافِلُونَ) تعني الغفلة القاصرة.
وقد تخرج (وَأَهْلُها غافِلُونَ) غير الغافلين عما يتوجب عليهم أو يحرم عند الله وإن لم تصلهم دعوات الرسل ، حيث الفطرة والعقلية الإنسانية مبصرة لأهليها ، ولكن الغفلة المقصرة في غير ما دعوة رسالية لا تتطلب الإهلاك مهما تطلبت حسابا يوم الحساب كما في كلّ الأحياء.
ذلك ، لأن الإهلاك يوم الدنيا ليس إلّا لعظيم العصيان حيث يعمّد في جو البلاغات الرسالية : (.. وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً. وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً) (١٧ : ١٦) (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ) (٢٦ : ٢٠٨) (وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً) (٢٠ : ١٣٤) ، إذا فالغفلة المغفورة بالنسبة لذلك الإهلاك تجمع المقصرة إلى القاصرة عند عدم البلاغ الرسالي (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ) (٨ : ٤٢).
ذلك ، ولا يخص إهلاك القرى بتدميرها بأهليها ، بل وبإضلاله إياها أن يجعل صدورهم ضيقا حرجا ، اهلاكان في الأولى وآخران في الأخرى ،