في البرزخ والقيامة الكبرى ، جزاء وفاقا.
ثم «بظلم» قد تعني إلى ظلمه سبحانه ظلمهم عن غفلة دون رسالة هادية ، فإهلاكهم وهم غافلون بظلم ظلم في غير جو الرسالة الربانية ، مهما كان لظلمهم جزاء وفاقا ، ولكنه ليس ذلك الإهلاك : (فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها) (٢٢ : ٤٥) (وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ) (١١ : ١١٧).
(وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ)(١٣٢) :
«ولكلّ» من الصالحين والطالحين من الجن والإنس ، «درجات» مهما كانت درجات الطالحين دركات : (أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ. هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ) (١٦٣ : ٣).
فكما الإيمان والعمل الصالح درجات ، كذلك لأصحابهما درجات حسبها ، وكما للكفر والعمل الطالح دركات فكذلك لأصحابها دركات تجمعها في صيغة واحدة درجات إما إلى الجنة وإما إلى النار.
(وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ كَما أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ)(١٣٣) :
«وربّك» أنت يا أفضل المربوبين وأول العارفين والعابدين «الغني» ـ فقط ـ دون من سواه ، فلو كان غني سواه لكان النص «غني» قضية تنكير الخبر ، ثم وهو على غناه (ذُو الرَّحْمَةِ) على عباده دون مقابل ، لا رحيم سواه ، وليست العبادة إلّا لصالح العابدين ف (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ) أنتم المتخلفين عن شرعته (وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ) إنسانا وغير إنسان (كَما أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ) و (ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ) قد تعني من نطفة قوم آخرين أذهبهم ربّهم بموت أو إهلاك.