وظننت أني واضعه حتى أقبض ، ولا لقمت لقمة فظننت أني أسبغها حتى أغص بالموت ، يا بني آدم إن كنتم تعقلون فعدوا أنفسكم في الموتى والذي نفسي بيده إن ما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين» (١).
(وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ) الله في هذه الفترة القليلة إذ لا تغيبون عن علمه تعالى وقدرته (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ).
(قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)(١٣٥) :
«قل» يا رسول الهدى «يا قوم» في حقل الدعوة الرّسالية الأخيرة «اعملوا» خيرا أو شرا (عَلى مَكانَتِكُمْ) : إمكانيتكم وكيانكم ، فانها لغويا أبلغ التمكن الشامل لكليهما ، ف (كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ) (١٧ : ٨٤).
(فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) عين اليقين أنتم الصالحون بعد علم اليقين ، وتعلمون علم اليقين إلى عين اليقين أنتم الطالحون. (تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ) الدنيا ، وكلمة واحدة فاصلة (إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ).
وعاقبة الدار هي الحياة العاقبة ، فهي حياة الرّجعة الصالحة في دولة الحق ، وحياة البرزخ والقيامة و«له» تعني لصالحه ويقابلها «عليه» و (إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) بيان لمن هي
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٤٧ ـ اخرج ابن أبي الدنيا في كتاب كامل الأمل وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن أبي سعيد الخدري قال : اشترى أسامة بن زيد وليدة بمائة دينار الى شهر فسمعت النبي (ص) يقول : ألا تعجبون من أسامة المشتري الى شهر ان أسامة لطويل الأمل والذي نفسي بيده ...