من ذلك الاستهواء الاستغواء ، وحال أن (لَهُ أَصْحابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى) بمختلف الدعوات الصالحة قائلين «ائتنا» كما كنتم ردحا معنا ، رجوعا إلى ما كنتم من الهدى «قل» لهؤلاء وهؤلاء (إِنَّ هُدَى اللهِ) لا سواه «هو الهدى» لا سواه (وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) فإنه الهدى.
فالرجوع إلى دعوة غير الله هو الرجعية السوداء مهما كان من الحضاريين ، والانقلاب إلى دعوة الله هو التقدمية البيضاء مهما كان من القدامى الماضين.
وترى (نُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا) تدل على أعقاب الشرك لهم وفيهم الرسول (ص) الّذي ما زال ولم يزل موحدا كأحسنه وأكمله؟.
كلّا! فإن «أعقابنا» قد تعني الانقلاب إلى واقع الشرك الماضي ، وأخرى إلى حالة الشرك مهما لم تسبق له سابقة حيث يقال لكلّ معرض عن الحق أنه رجعي راجع إلى الوراء ، فإن الوراء لا تعني ـ فقط ـ كونه في زمنه ، بل وكيانه ، وهو الانتقاص بعد الكمال والانتقاض بعد الاستحكام في النوال.
ذلك ، وكما تعني «قل» القول الرسالي عن المجموعة المؤمنة ، دون القول الرسولي عن نفسه المقدسة التي كونت على التوحيد الوطيد ، وذلك قضية اصطفاءه على العالمين ، فكيف يصطفى من له سابقة إشراك على من لم تسبق له من الناشئين على التوحيد الحق وحق التوحيد.
فهنا (بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللهُ) تعم هدى الفطرة والعقلية والوحي ، المجتمعة في رسول الهدى (ص) منذ ولاده ، والمتفرقة فيمن سواه ممن آمن ثم كفر ، أو كان كافرا ثم آمن ، أو من يمكن في حقه الانقلاب من إيمان إلى كفر أو من كفر إلى إيمان ، وليس منهم رسول الهدى (ص) ومن يحذوا محذاه ويرمي مرماه.