والاستهواء هنا من كلا الهويّ والهوى ، فما لم يستهو الشيطان هوى لم يكن ليستهوي هويّا ، فالخطوات الأولى من الشياطين هي تتركز على استهواء الهوى ، طلبا لها لكي تهوى ما تهوى ، ثم تتبع هوى الشياطين ومن ثم تستهوي هويّا في الأرض من كلّ على إلى كلّ سفل : (.. وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ) (٢٢ : ٣١).
إذا ف (اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ فِي الْأَرْضِ) هويا ، هي تطلّب سقوطهم من المكانة العالية الانسانية والايمانية الى هوات ساقطة وهيدة بعيدة في ظلمات الأرض ، فهم ـ إذا ـ سيّقة الشيطان وكرة لأقدامه ، أينما يستهويهم يهوونه ، وذلك هو الضلال البعيد ، والحيرة الحائرة المائرة ، والأرض تعني أرض حياة الأهواء والشهوات.
ذلك ، وأخيرا نسأل أدبيا : كيف «هو الهدى» و«هدى الله» مؤنث لغويا؟ والجواب أنه يجوز أدبيا حين يكون الضمير ضمير فصل و«هو» هنا فصل ، ومن ثم لا سؤال اعتراضا على الله فيما يفعل أو يقول حيث القرآن هو المحور الأصيل لكلّ أدب وأديب أريب ، فإنه الصادر عن خالق الإرب الآداب ، فهو المصدر لكلّ أديب وآداب.
فحتى إن لم يكن «هو» هنا ضمير فصل لكان برهانا أدبيا على سماح رجوع ضمير المذكر إلى مرجع مؤنث مجازي ، وقد قال الله : (وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ ..) مما يسمح لتذكير الفعل للمؤنث الحقيقي فضلا عن المجازي.
ذلك ، ومن ثم (أُمِرْنا لِنُسْلِمَ) متحولة إلى أمرنا بالإسلام لرب العالمين ، تقديرا ل «أن» الناصبة.
ولأن الإسلام لله درجات فالمسلمون لله ـ كذلك ـ درجات (وَلِكُلٍ