وهي افتعال من صنعتك ، إذ ليست الصناعة الرسالية الموسوية كسائر الصنعة لسائر الناس ، فان فيها مزيدا عليهم ، يحضّره رسولا إليهم و «لنفسي» بيان لغاية ذلك الاصطناع ، حتى يكون رسولا معصوما أمينا من الله.
فليس موسى لنفسه ولا لسواه إلا لله ، يعيش حياته الرسالية في الله ولله ، دون اتباع لهواه أمّن سواه ، فانه بعين الله ومختار الله وصنيع الله ، فكيف يكون لغير الله!.
ثم المنتفع من غاية اصطناعه ليس إلا هو ومن ثم المرسل إليهم ، فان الله ليس لينتفع من عباده (وَاللهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ) وما لم يكن العبد لله لم يكن لنفسه ولا لعباد الله.
ولانني (اصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي) وجعلت لك وزيرا من أهلك هارون أخاك ف :
(اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآياتِي وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي) ٤٢.
«اذهب» بحمل الرسالة العالمية لبلاغها «أنت» كأصل فيها ورأس الزاوية لها «وأخوك» أزرا ووزيرا ، «بآياتي» الدالة على رسالتكما الإلهية (وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي) من الوني : الفترة والضعف والكلال والإعياء والإهمال والتقصير.
ثم «ذكرى» هي من اضافة المصدر الى الفاعل والى المفعول : ذكري إياكم وذكركم اياي ، قالا وحالا وأفعالا ، في أنفسكم وفي المرسل إليهم ، حيث العقبات أمام ذكر الله كثيرة خطيرة ، فلتكافح الرسالة كافة العراقيل ، لتجتازها الى تحقيق رسالة الله في عباد الله.
ولقد كان الأمر قبل استجابته في سؤله يخصه : (اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ