فاصطلت الأبواب مفتحة ثم دخل على فرعون فأخبره انه رسول من رب العالمين .. (١) ولكنه خلاف اللين في اللقاء مهما كان مع البواب ، وقد تعامت الآية عن كيف دخل فنسكت عما سكت الله عنه.
ونرى هنا ألين اللين في بزوغ الدعوة ، فلم يقولا «انا رسولا رب العالمين» كيلا ينبري لإدخاله في العالمين ، وهو داخلهم! ولا «إنا رسولا ربنا» فصلا له عن ربهما وهو فصل عن قبول اصل الدعوة ، وهو الطاغية الداعية : (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) وانما (إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ) الذي رباك ، فلست أنت ربا لنفسك ، ولا لغيرك ممن هو مثلك من العالمين ، ولا أنت رب
__________________
(١) البحار ١٣ : ١٢٠ عن القمي أبي عن ابن فضال عن ابان بن عثمان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : لما بعث الله موسى الى فرعون أتى بابه .. وفيه ١٣ : ١٠٩ الصدوق باسناده عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : ان فرعون بني سبع مدائن فتحصنى فيها من موسى فلما امره الله ان يأتي فرعون جاءه ودخل المدينة فلما رأته الأسود بصبصت بأذنابها ولم يأن مدينة الا انفتح له حتى انتهى الى التي هو فيها فقعد على الباب وعليه مدرعة من صوف ومد عصاه فلما خرج الآذن قال له موسى (عليه السلام) اني رسول رب العالمين إليك فلم يلتفت فضرب بعصاه الباب فلم يبق بينه وبين فرعون باب الا انفتح فدخل عليه وقال انا رسول رب العالمين فقال ائتني بآية فالقى عصاه وكان لها شعبتان فوقعت احدى الشعبتين في الأرض والشعبة الاخرى في أعلى القبة فنظر فرعون الى جوفها وهي تلتهب نارا وأهوت اليه فأحدث فرعون وصاح يا موسى خذها ولم يبق احد من جلساء فرعون الا هرب فلما أخذ موسى العصا ورجعت الى فرعون نفسه هم بتصديقه فقام اليه هامان وقال : بينا أنت اله تعبد إذ أنت تابع لعبد واجتمع الملأ وقالوا : هذا لساحر عليم ، فجمع السحرة لميقات يوم معلوم فلما القوا لهم وعصيهم القى موسى عصاه فالتقمتها كلها وكان في السحرة اثنان وسبعون شيخا خووا سجدا ثم قالوا لفرعون ما هذا سحر لو كان سحرا لبقيت حبالنا وعصينا ثم خرج موسى (عليه السلام) ببني إسرائيل يريد ان يقطع بهم البحر .. أقول «ثم هنا تفصل بين بداية امره ونهايته كما هو مستفاد من آيات القصة.