العالمين ، وانما لك رب رباك كما ربانا وربى سائر العالمين ، تهديما لصرح الخرافات الوثنية ان لكل قوم إلها او آلهة كما كانت سائدة بينهم.
ف «ربك» هنا اختصاصا له بربوبيته تعالى يوافق طبيعة حاله ، ويستحثه على سؤاله العجاب ، من هو ذلك الرب ، وطبعا هو ربكما كما هو ربي ، ولذلك أرسلكما الي على زعمكما.
وقد جمع في (إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ) حجة بارعة قارعة على لينها ، دون ان تؤثر اللينة في قاطعية الحجّة فتنقص عنها ، ولا ان تؤثر الحجة في تحول اللينة الى القساوة ، وهذه هي الجدال بالتي هي احسن ، ان تذاد عنها مساويها ، وتزاد فيها محاسنها ، فتصبح قاطعة على لينونته ، ولينة على قاطعيته!.
ثم في هذه البداية لا يفرعان على (إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ) تطلّب الايمان به من فورهما ، وانما ادنى ما يتطلّب من مربوب لربه ان يتخلى عن سلطته الظالمة على مستضعفي عبادة :
(فَأَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ) كان ذلك هو فقط مادة الرسالة اليه لا سواها ، ولكي لا تأخذه العزة بالإثم والغيرة ، فيأتي بمعرّة فوق معرّة.
(فَأَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ) كإيجاب واحد في هذه الرسالة (وَلا تُعَذِّبْهُمْ) كسلب واحد فيها ، و «لا تعذبهم» بدل «لا تظلمهم» ليونة في التعبير ، حيث الظلم يخص القبيح ، والعذاب منه قبيح ومنه صحيح ، ولأنهما يرأسان بني إسرائيل ، فلو انهم يستحقون العذاب فحوّل عذابهم إلينا وأرسلهم معنا ، فلا لكم ولا عليكم اي شأن منهم شائنا ام سواه.
ولئن تطلب برهانا على هذه الرسالة ف (قَدْ جِئْناكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ) آية