(٣٢ : ١١).
ما شأن القرون التي مضت ، اين ذهبت ، وكيف ومتى عذبت؟
(قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى) ٥٢.
لماذا لم يؤمنوا؟ (عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي)! وكيف يتواجدون حتى يعذبوا؟ (عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ) ما كتبه عليهم من اعمالهم فهي تابتة في أنفسهم وفي أماكنهم وسائر الشهود (إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ... لا يَضِلُّ رَبِّي) عما خلق وهدى ، وعما أمات وأحيى ، فهو عالم بخلقه على أية حال ، ثم (وَلا يَنْسى) بعد ما علم ، علم دائب لا حول عنه ولا خلل فيه ولا نقص يعتريه.
فالخالق كل شيء ، الهادي كلا الى شيئه بما أعدّ له من طاقات وامكانيات ، كيف يضل عن فعله او ينسى؟.
ولماذا «ربي» دون «ربك» او «ربنا» او (رَبِّ الْعالَمِينَ)؟ لعله تاشير الى أن الربوبية الخاصة التي تجعل لمثلي علما هكذا ، فأفحمك بجملة قاطعة ، إنها باحرى ان تحلّق علما على القرون الاولى وسواها.
إذا فليس (عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي) تحويلا للجواب الى ربه ، علما بانه تعالى ليس ليجيبه ، بل هو جواب حاسم ان ربي لا يضل عما خلق وهدى ولا ينسى ، لأنه (أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى).
ومن هداه الفطرية ، وهي بال القرون الاولى مهما تخلفوا عنها ، ومن هداه تسجيل أقوالهم واعمالهم والحفاظ على أرواحهم بأجسادهم بعد موتهم كما قبله ، فلا يضلون عن علمه ولا ينسون ، فهو هو يجازيهم يوم القيامة بما كسبوا وما الله بغافل عما يعملون.
ومن ثم يذكر لربه مواصفات تؤكّد علمه المحيط وجزاءه الأوفى لكل من سعى :