والتأنيث معا في نبتة واحدة ، وأحيانا يكون اللقاح في نبتة ذكر منفردة كما هو الحال في الفصائل الحيوانية ، وبذلك يتم التناسق في نواميس الحياة ويطرد في كل الفصائل والأنواع.
وقد جمعت الآية عطية الخلق والهدى ، الناحية منحى هدى الإنسان الى غايته القصوى ، اعطى الأرض خلقها ثم هداها بتمهيدها لطفولتها التي تختضنها بمهدها ، وسلك سبلها ثم هداها ان سبّلها لإنسانها في مختلف سؤله روحية ومادية ، وانزل من السماء ماء ثم هداه وهدى الأرض ان اخرج منها أزواجا من نبات شتى.
(كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى) ٥٤.
«كلوا» من نباته الشتى (وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ) منها ، ان في ذلك الإنعام لكم وللأنعام «لآيات» تدل على توحيد الله والحياة الأخرى وما بينهما (لِأُولِي النُّهى).
و «النّهي» جمع النّهية وهي العقل الناهي عن القبائح كلها ، حيث التاء هنا للمبالغة كما في العلّامة ، فلم يقل «اولي العقول» حيث العقل منه مدخول لا ينهى بل وينهى بناهية النفس ومن ناحيتها ، ام لا ينهى ولا ينهى ، بتلة بطلة كأن لا كون لها ولا كيان ، فلا تستعمل لصالح الحياة ولا طالحها ، كالعقول المجنونة ، او المحجوبة عن فاعلياتها.
وهذه الآيات انما هي (لِأُولِي النُّهى) تلك العقول الناضجة الناتجة عن تعقلات وتنهيات عن الهوى ، فالعقل ما عبد به الرحمن واكتسب الجنان ، فالذي في معاوية وكل طاغية هو النكراء والشيطنة ، حيث تستخدمه الهوى وتربطه بنفسها فيصبح صاحبه كله هوى دون أية نهى ، ورسل الله وأئمة الهدى هم أفضل اولي النهى (١).
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٣٨٢ في تفسير القمي حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن علي ـ