فما من عقل مستقيم يتأمل ذلك النظام البارع العظيم متطلعا ، ثم لا يطّلع فيه على آيات تدله على الخالق الهادي الحكيم (الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) سبحان الخلاق العظيم!
(مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى) ٥٥.
«كم» في هذه الثلاث تعم كافة الأنسال الإنسانية الحالية الباقية الى يوم الدين ، والسابقة المنقرضة.
وهذه الآية تحمل رباطات ثلاث بين الإنسان ومهده المسبّل له في مختلف مراحله ، قبل الدنيا وفيها وبعدها ، وما أجمله تعبيرا عبيرا عن مثلث الكيان للإنسان ، عبرة للمعتبر ، وتبصرة للمتبصّر!.
وهنا «خلقنا» دليل انه ليس من تتمة المقال لموسى ، وعل (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ..) ايضا هكذا ، فلحدّ «لا ينسى» هي من حوار موسى ، ثم
__________________
ـ بن رئاب عن مروان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : سألته عن قول الله عز وجل : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى) قال : نحن والله اولوا النهى ، قلت : ما معنى اولي النهي؟ قال : ما اخبر الله به رسوله مما يكون بعده من ادعاء أبي فلان الخلافة والقيام بها والآخر من بعده وثالث من بعدهما وبني امية فأخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان كما اخبر الله به نبيه وكما اخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا وكما انتهى إلينا من علي فيما يكون من بعده من الملك في بني امية وغيرهم فهذه الآية التي ذكرها الله في الكتاب (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى) الذي انتهى إلينا علم ذلك كله فصبرنا لأمر الله عز وجل فنحن قوام الله على خلقه وخزانه على دينه نخزنه ونستره ونكتم به من عدونا كما كتم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) حتى اذن الله له في الهجرة وجاهد المشركين فنحن على منهاج رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) حتى يأذن لنا في اظهار دينه بالسيف وندعو الناس اليه فنصيرهم عليه عودا كما صيرهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) بدوا» ..