فهنا لك امر محفوظ من كل نفس في هذه المراحل الثلاث ، وعلّه النطفة التي خلق منها كل نفس بالروح المنفوخ فيها بعد اكتمالها جنينا ، فالخارج من الأرض يوم الحشر هو المخلوق منها في البداية ، وسائر الاجزاء البدنية بين الخلق والحشر زيادات لا تعني حشرا ولا يعنيها الحشر ، حيث القصد إيصال الجزاء الى الروح ببدنها الذي عاشته طول الحياة ، دون الاجزاء الاخرى التي هي اصول لنفوس آخرين ام فروع لكل نفس هي ضيف تأتي وتروح ، والادلة العقلية والنقلية الثابتة كتابا وسنة لا تثبت اكثر من حشر الروح ببدن مّا هو باحرى الجزء الأصيل الذي عاشه طول الحياة بما فيها حياة التكليف.
وهذه عظة وعبرة لاولى النهي وكما قرأها رسول الهدى (صلّى الله عليه وآله وسلم) على بنته حين دفنها ثم قال : بسم الله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله» (١).
(وَلَقَدْ أَرَيْناهُ آياتِنا كُلَّها فَكَذَّبَ وَأَبى) ٥٦.
وترى ما هي (آياتِنا كُلَّها) ولم تبرز في هذا المجال إلا آيتان ، ثعبان العصا واليد البيضاء :
(فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ. وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ) (٢٦ : ٣٣) وهنا لك آيات بجنب آية طه تذكر ما أريه فرعون
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ٣٠٢ ـ اخرج احمد والحاكم عن أبي امامة قال لما وضعت ام كلثوم بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) في القبر قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) : منها خلقناكم ... بسم الله ...».