يهتدي عن خصوص ما ضل ، وله ضلالات اخرى غيرها ، قبل التوبة وبعدها ، فلا تضمن هذه التوبة الثلاثية إلّا خصوص ما تاب عنها ، واما إذا ما «اهتدى» هدى عن كل ضلال «فاني لغفار» غفرانا مؤكدا بالغا ذروته مبالغا ، يشمل كل ما يتطلب الغفران ، غفرا عما كان إمحاء له ، ام عما يريد ليحصل صدا عنه ، فهي إذا مغفرة رافعة ودافعة ، تجعل المغفور له في هدى صالحة غير كالحة.
وقد تعني «ثم اهدى» مع ما عنت ، الاهتداء الى الله بالسبل الى الله ، فما قيمة توبة وايمان وعمل صالح دون وسيط الوحي ، وهو الرسول أولا ومن ثم الأئمة من آل الرسول الذين يحملون كل ما حمله عن الله (١).
(وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى ٨٣ قالَ هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى) ٨٤.
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٣٨٧ في امالي الصدوق باسناده الى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) حديث طويل وفيه يقول لعلي (عليه السلام) ولقد ضل من ضل عنك ولن يهتدي الى الله من لم يهتد إليك والى ولايتك وهو قول ربي عز وجل (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى).
وفيه عن اصول الكافي عن أبي عبد الله (عليه السلام) انه قال : ان الله تبارك وتعالى لا يقبل الا العمل الصالح ولا يقبل الله الا الوفاء بالشروط والعهود فمن وفي لله عز وجل بشرطه واستعمل ما وصف في عهده حال ما عنده واستكمل وعده ان الله تبارك وتعالى اخبر العباد بطرق الهدى وشرع لهم فيها المنار وأخبرهم كيف يسلكون فقال : واني لغفار ... وقال : انما يتقبل الله من المتقين ـ فمن اتقى الله فيما امره لقى الله مؤمنا بما جاء به محمد (صلّى الله عليه وآله وسلم).
وفيه عن تفسير القمي عن الحارث بن عمر عن أبي جعفر (عليه السلام) في الآية قال : الا ترى كيف اشترط ولم ينفعه التوبة والايمان والعمل الصالح حتى اهتدى ، والله لو جهد ان يعمل ما قبل منه حتى يهتدي ، قال قلت الى من جعلني الله فداك؟ قال إلينا.