باغيا في غفوته وشقوته.
وترى لماذا التعبير عن عبء التعب ب «لتشقى» دون صيغته الأصيلة السائغة للكتاب البيان؟ لأنه لا يعني ـ فقط ـ منعه (صلّى الله عليه وآله وسلم) عن التعب البالغ في بعدي الرسولية والرسالية ، بل وجوابا عما افتري عليه : «انك لتشقى حيث تركت دين آباؤك» إذا «لتشقى» بيان مجمل جميل عن هذا المثلث ، سلبا للشقاء عناء وغير عناء ، وتثبيتا لشقائه وعناءه بعض الشيء تذكرة لمن يخشى.
إذا فشقاءه (صلّى الله عليه وآله وسلم) في «لتشقى» بين موجبة وسالبة ، موجبة دون الحرج تذكرة لمن يخشى ، وسالبة حدّ الحرج إذ تورمت قدماه ، وسالبة ثانية هي فرية المفترين عليه ان في نزول القرآن شقاءه إذ خرج عن دين الآباء!.
وطبعا ليست «لتتعب» لتعني ما عنته «لتشقى» من مثلث المعنى المعني حسب شئون النزول هنا.
(تَنْزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى)(٤).
ذلك القرآن المنزل عليك ذكرا وتذكرة لمن يخشى ، حقا فيه الكفاية لكل تذكرة ، دونما حاجة الى نسخ او تكملة ، لأنه (تَنْزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى) فكما ان خلقه التكوين يعم الكون كله ، كذلك كتابه التشريع التدوين يشمل الخلق كله (تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى) في كل ذكرى تتطلبها الحياة الإنسانية العليا على مدار الحياة ومرّ الزمن.
وكما (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى. لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى) سيطرة ملكية ومالكية على الكون كله ، كذلك كتابه العظيم مسيطر في ذكراه على العالمين أجمعين.