وهنا في «تنزيلا» وجوه عدة وجمعها أوجه : نصبا على المفعولية ل «يخشى» حيث يخشى تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلى».
ونصبا ، بدليا عن «القرآن» : ما أنزلنا عليك القرآن .. تنزيلا ، وثالثا على المدح والاختصاص : نخص تنزيلا ... وذلك الاختصاص هو الذي يؤهله للتذكرة العامة الدائبة ، ورابعا على الحالية للقرآن المنزل ، ومربع المحتملات محتملات تحتملها الآية لفظيا ومعنويا.
وهنا تقابل الأرض للسماوات العلى يلمح انها جنس الأرض الشامل للأرضين السبع ، كما تلمح له ثانية (ما تَحْتَ الثَّرى) فهما ـ إذا ـ تعبيران عن الكون كله ككل كتاب التكوين ، تأشيرا عشيرا ان القرآن هو كل كتاب التدوين.
وإشارة اخرى ، الأرض هي أراضي القلوب خاشية وغاشية ، والسماوات العلي هي القرآن حيث تضم كل سماوات الوحي ، يحمله الرسول الخاتم (صلّى الله عليه وآله وسلم) ، فلا شقاء للسماوات العلى ان تمطر غزيرة الوحي الهاطل على أراضي القلوب ، ثم لاشقاء للقلوب في تقبلها تلك الأمطار ، لا شقاء العناء ولا غير عناء ، مهما شقيت قلوب مقلوبة خاوية عن الهدى ، مليئة بالردى.
ثم «العلى» في مواصفة «السماوات» دليل علوها على الأرض كلها حول أكنافها ، محيطة بها ، حائطة لها ، منزلة عليها من ماءها وسائر رحماتها ، إذا فالأرض محاطة بالسماوات فمدورة كما السماوات ، سائرة حائرة في خضمّها ، غير مائرة في حراكها حيث (اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا) (٣٥ : ٤١).
فكما الأمطار تنزل على الأرض من عليا السماوات مكانا ، كذلك القرآن منزل من عليا سماوات الوحي مكانة ، إذ ليس لله مكان ينزل منه