القرآن ، وانما «تنزيلا» من عليا الربوبية ، الى دنيا القلوب.
(الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى)(٥)
«الرحمن» ـ رفعا ، خبرا عن «هو» المقدرة ، ام مبتدء ل «استوى» أو «الله» المؤخرة وكلها صالحة ـ هي من أعم الصفات الإلهية ، شاملة لكل الرحمات تكوينية وتدوينية ، فهو مستو مستول بعد ما خلق على كل ما خلق تكوينا وتشريعا ، دون تفلّت لها عنه تعالى ، ولا تلفت له تعالى عنها ، فهو المدبر لها كما هو الخالق إياها ، سبحانه وتعالى عما يشركون.
فلله عرش قبل خلق السماوات والأرض وهو على المادة الأولية الأم : «الماء» (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) (١١ : ٧).
وعرش بعد خلقهما في حياتهما الدنيا ، وقد تعنيهما العرش هنا (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) وعرش في قيامتها (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ) (٦٩ : ١٧) وكل ذلك يعني استيلاءه على الخلق ، مهما اختلف الخلق في مثلث نشآته.
ثم لا عرش لله فعليا قبل خلق الخلق ، حيث السلطة تقتضي مسلطا عليه ، اللهم إلّا كامنا في حيطته العلمية وفي القدرة في معنى «خالق إذ لا مخلوق».
فالعرش على أية حال لا يعني مخلوقا هو سبحانه متكئ عليه ، مهما كان الملأ الأعلى من العرش حيث تصدر منه أوامره تكوينيا أو تشريعيا بعد الخلق.
وجملة القول في (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) انه «استولى على ما