لعديد الداعية ، فتعريض هارون نفسه للقتل لم يكن الا تعريضا للرسالة الى الخمول وتضعيف الساعد المساعد لموسى الى الهمول ، ثم التفرقة المحظورة هي التي كانت تشجّع المتخلفين في عكوفهم على عجلهم لما يرون الجو دون معارض ومشاغب ، ثم تفريقا بين المؤمنين ان يلحق بعضهم بعبدته ، وآخرون يلحقونه الى موسى ، تمزيقا لذلك الجمع دون فائدة عائدة الى صالح الحق ، إلا طالحا ضد الحق ، ولقد كانت الرقابة لقول موسى الحفاظ على الوحدة ما دامت صالحة مهما ضل منهم من ضل ، حيث الفرقة آنذاك كانت تزيديهم ضلالا على ضلال ، وفيها دلال لمن ضل وأضل.
ولماذا (يَا بْنَ أُمَّ) دون «اخي» كما في عرض سؤله واجابته؟ علّه لأنه كان أخاه من امه ، ام جاء له من ناحيتها وان كان أخا لأبويه ، لأنها أشد حساسية وارهافا واستجاشة للرحمة الاخوية ، تكسيرا عن شدته وتكثيرا لرحمته.
وكيف هنا «امّ» وقضية الأدب كسرها للاضافة؟ علها مخففة عن «أماه» نداء لها ضمن نداءه ليكون آكد في الاسترحام.
وترى موسى كيف لم يغضب عند ما أخبره الله ، غضبه حين راى ما رآه؟ انه على حد المروي عن أخيه المصطفى : «يرحم الله اخي موسى ليس المخبر كالمعاين ، لقد أخبره الله بفتنة قومه وقد عرف ان ما أخبره ربه حق وانه على ذلك لمتمسك بما في يديه فرجع الى قومه فرآهم فغضب والقى الألواح ...» (١).
__________________
(١) البحار ١٣ : ٢٠٤ وقال الطبرسي روي عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) انه قال : ....