وعله ـ وبطبيعة الحال ـ غضب هناك كما هنا ولكنه أخف ولم يأت له ذكر إذ لا مظهر له وهنا أخره يظهره.
هذا دور هارون في قصة العجل ، ومن ثم السامري وهو اصل البلاء :
وانما بدء موسى بالقوم ، لأنهم هم المسؤول الاول في هذه الزلة الا يتبعوا كل ناعق وبمسمعهم ومرآهم آيات الله تترى من بين أيديهم ومن خلفهم.
ومن ثم هارون لأنّه المسؤول الثاني في هذه المعركة ان يحول بينهم وبين هذه الهوة المضلّلة ، لأنه خليفة موسى والقائد المؤتمن في غيابه.
ثم السامري هو الأخير لأنه لم يفتنهم بقوة قاهرة ام معجزة باهرة ، ولم يضرب على عقولهم ، وانما وجد الجوّ صالحا للإضلال حيث استضعف القائد وتخلف وتعنف المقود ، وقد كانوا يملكون ان يثبتوا على هداهم فطريا وعقليا ، وعلى هدى نبيهم الأول ونصح الثاني:
(قالَ فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ ٩٥ قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي) ٩٦.
والخطب هو الأمر الخطير الذي يهمه صاحبه ، فما هذا الأمر يا سامري حيث أهمك في هذه المكيدة المضللة المدللة؟ مسا من كرامة الله ، وتضييعا لرسالة الله ، ونكرانا لنعم الله! «قال» : ...
ولأن القصة منقطعة النظير في القرآن ، لا تحمله إلّا هذه الآية ، وهي غامضة في نفسها ، لذلك تتطلب إمعان النظر اكثر مما له نظائر ، وقد تضاربت في تفسيرها الأقوال ، وأصبحت مجالا فاسحا للقيل والقال.