(مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً).
ولا فحسب (يَوْمَ الْقِيامَةِ) بل و (مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً. وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى) (٢٠ : ١٣٢).
(مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ) في اي عرض منه ، قراءة واستماعا وتدبّرا وتفهما وتصديقا وتخلقا وتطبيقا ونشرا ، فهذه أبواب ثمان لجنة الذكر القرآن ، ومعرض القرآن مسرح يحلّق على كل المحالق ، وذكر عن كل نسيان أيا كان وأيان.
فالإقبال الى القرآن أزر ، والاعراض عه وزر يحمله من حمّل أزره فاعرض عنه الى وزره ، ومهما كان لذلك الوزر مراحل ثلاث في معيشة ضنك ، ولكنما الهامة الخالدة منه والأوفى هي في الأخرى وكأنها المخصوصة بحملها :
(خالِدِينَ فِيهِ وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلاً)(١٠١).
خلودا في وزر الإعراض عن الذكر قدره ولا يظلمون نقيرا ، وحمل المسافر زاد له في غربته وتخفيف له عن كربته ، وحمل الوزر للمعرضين عن الذكر في ذلك السفر الشاق الطويل الطويل حمل وبيل (وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلاً).
ولان الوزر هنا هو الذنب المخلّف عن الإعراض عن الذكر ، والأعمال هي الجزاء بملكوتها الظاهرة يوم القيامة ، فالخلود في الوزر هو خلود في نفس الوزر دون جزاءه ، فانه هو جزاءه دون فصال ، و «خالدين» كما في آيات اخرى ، لا تدل بصيغتها على البقاء لغير النهاية ، فانها أعم من الأبد ودونه ، والأبد أعم من اللانهائية الحقيقية كما في ابد الجنة ، وسواها كما في سواها ، فما الآبدون في النار إلا وهم دائبون فيها ما داموا ودامت