اكلا من الشجرة نزع عنهما لباسهما فبدت لهما عوراتهما ، عورة ظاهرة كانت خفية ، نتيجة عورة باطنة في الروح هي النسيان العصيان ، وليعلم الإنسان انه في قرارة نفسه عورة ظاهرة وباطنة ، فعند الامتحان يكرم المرء او يهان ، وعند تقلب الأحوال تعرف جواهر الرجال.
وبالفعل (فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما) وهي مواضع الجنس والعفة بما أكلا ، ومواضع الخفة في الروح لماذا أكلا ، فأصبحا عارفين من عورات الروح والجسم ما أريا (وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) سترا لعورات الجسم ، ولكنهما كيف يستران عورات الروح؟:
(أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ) (٧ : ٢٦) وقد بقي عليهما ان يسترا عورات الروح حيث (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى)! «وهي أول قدم مشت الى الخطيئة» (١) وطبعا بين قبيل الإنسان ، فان الشيطان سبقه فيها.
وقد تلمح (طَفِقا يَخْصِفانِ) انهما ما قدرا على ان يخصفا ، وإلّا لكان حق التعبير «فخصفا» فانما حاولا ، واما واقع الخصف فلا خبر عنه ، ثم (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى ..) كانت مشروطة بعدم الأكل من الشجرة وقد اكلا فليعريا هنا وفي الحياة الأرضية.
(وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى)!
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٤٠٣ في علل الشرايع باسناده الى الحسين بن أبي العلا عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) حديث طويل يقول فيه (صلّى الله عليه وآله وسلم) لما ان وسوس الشيطان الى آدم دنا من الشجرة ونظر إليها ذهب ماء وجهه ثم قام ومشى إليها وهي اوّل ثم مشت الى الخطيئة ثم تناول بيده مما عليها فأكل فطار الحلي والحلل عن جسده.