وهنا أول انسان يبتلى بأول عصيان ، مهما حاول ناس وهم الأكثرية المطلقة من مفسرين ومحدثين ان يحوّلوا عصيانه الى ترك الاولى ، ولكنه محاولة غافلة فاشلة حيث تخالف نصوص الكتاب والسنة وكما فصلناها على ضوء آية البقرة.
ومنهم من يردّد القول ان ذلك كان قبل تشريع الشّرعة ، وانه كان نهيا إرشاديا ، وتراه ماذا يقصد من الشرعة الإلهية ، أهي المشرّعة منذ الرسالة الأرضية؟ ولا ينافيها حكم واحد تكليفي او يزيد قبل هذه الشرعة! ام تعم اي حكم الهي؟ فقد حكم الله قبل الشرعة الارضية احكاما عدة ، منها ما أمر الملائكة بالسجود لآدم فسجدوا إلا إبليس ، وقد لعن إبليس حين ابى ، فهلا هو عاص إذ لم تكن هنا لك شرعة؟ وهو شر عصيان! ام لم يكن الملائكة ـ إذا ـ طائعين؟ وهي خير طاعة! فكذلك في عصيان آدم وقد لحق عصيان الشيطان.
فحتى لو كان النهي إرشاديا ـ ولم يكن ـ فهو ايضا من الشرعة ، وعصيان النهي الارشادي بهذه الصورة العجيبة ، هو ايضا في الحق عصيان ، ثم طبيعة الحال في الأوامر والنواهي الإلهية انها مولوية ككلّ الا بقرينة قاطعة ، ام هي كلها ارشادية حيث ترشد الى مصالح تحملها فردية ام جماعية ، فمجرد ان تسمي نهيا إرشاديا ـ ودون اي برهان ـ لا يخرج تخلفه عن العصيان ، وكما الله صرح في هذه الاذاعة القرآنية (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى).
فلو كان تركا للأولى فكان الاولى بل المحتوم في القرآن البيان «وترك الاولى» دون «وعصى» لا سيما مع تصريحات أخرى تؤيد انه حقا «عصى» : فالنهي المؤكّد عن الاكل منها ، ثم فتكونا من الظالمين ، وانه زل ، وشقي ، وعصى ، وأهبط من الجنة ، وتاب فيها وبعدها ، هذه عساكر