كنت بصيرا بصر البصر ، وبصيرا بصر البصيرة الحذق والسياسة الحيوية ، وعلّ (كُنْتُ بَصِيراً) هي باعتبار الاكثرية المطلقة ، ام ان الأعمى لا يعرض عن ذكر الله ، او انه حكاية حال البصير منهم حيث الأعمى لا يسأل هكذا ، والأعمى المؤمن البصير يحشر بصيرا لبصارته الإيمانية ، والمعرض عن ذكر الله البصير يحشر أعمى فسنادا الى الضابطة العادلة :
«كما تعيشون تبعثون» يقول (لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى ..)؟ والجواب. الحاسم :
(قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى) ١٢٦.
«كذلك» الذي عشت قد حشرت ، إذ كنت أعمى عن إبصار الحق وسماعه والتفكر فيه على التماعه حيث (أَتَتْكَ آياتُنا) مبصرة ومسموعة ومعقولة «فسنيتها» انها آياتي ، وأعرضت عنها وقد كانت ذكرى ، وهكذا تحشر أعمى كما كنت أعمى (وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى) حرمانا عن البصيرة مدى حياتك في الاخرى ، وعن البصر حيث ضيعته فيما لا يعنى ، ابطالا له عما يعنى!.
وذلك ظهور الحالات الدنيوية في الملكوت ، ان تظهر عمى البصيرة على البصر ، فالهول الشامل حين الحشر من ناحية ، والعمى الحائلة عن إبصار المسرح المفجع من اخرى ، انه عذاب فوق العذاب ، مهما يرجع بصيرا بعد ردح ام في فترات لكي يرى العذاب ، عذابا من نوع آخر فوق العذاب ، فعماه حشرا عذاب ، وإبصاره بعده عذاب جزاء بما كانوا يعملون ولا يظلمون نقيرا.
(وَكَذلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقى) ١٢٧.
«وكذلك» البعيد المدى الشديد الصدى (نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ) وتولى