بمختلف صنوف البراهين كما هي دأب القرآن في دعوته العالمية المحلّقة على كافة المكلفين بدرجاتهم المعرفية.
ومن أهم ما جاء فيها في التوحيد (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) كأعمق برهان فلسفي عريق ، وما جاء في الوسط الرسالي من وحدة الرسالة والأمم طول التاريخ الرسالي : (إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) (٩٢) وبالمآل وحدة الدولة الاسلامية (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) (١٠٥) واشارة الى الرجعة زمن قائد هذه الدولة : (وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ) (٩٦) ومن بين ذلك استعراض لفتق الكون بعد رتقه ، الى جانب فتق الشرعة الإلهية بعد رتقها!.
(اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ) ١.
مطلع قوية الضربات حيث تهز القلوب هزا ، وتعض أصحابها عضا ، إلفاتا لهم الى قريب الخطر ، موقف جاد من الحساب ينتظرهم (وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ).
«اقترب» حيث الناس منذ نزول القرآن هم اقرب الى يوم الحساب منهم الى بدء الخلق ، فقد مضى اكبر شطري الزمان ، ولان كل آت قريب ، و «ان الدنيا قد ولت حذاء ولم يبق منها الا صبابة كصبابة الإناء».
فمن الناس من هم في اوّل الزمان ، ومنهم من هم في وسطه ، ولكن الناس منذ الرسالة الاخيرة هم في آخر الزمان ، ولذلك فنبينا نبي آخر الزمان ، واقتراب الحساب مما ينبه الإنسان عن غفلته ، ويوقظه عن غفوته (وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ).