وعلى الوجهين الأخيرين لاقتراب الحساب فالناس هم كل الناس منذ خلقوا الى يوم الحساب وكذلك على الوجه الأول في وجه (١).
و «حسابهم» قد يعم البرزخ الى جانب القيامة فانه بداية الحساب وهي نهايته ، فلان الدنيا مولية حذاء وكل آت قريب ، فالحساب ـ إذا ـ يعم البداية والنهاية (وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ) ، فالناس ـ إذا ـ بين اقترابين لحسابهم ، اقتراب دائب هو لكل الناس ، واقتراب جاد هو لمن يعيش آخر الزمان وهو منذ ابتعاث نبي آخر الزمان ، (وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ) ككل إلا من يستثنى.
وترى الغفلة وهي عدم الانتباه ، كيف تجامع الإعراض ولزامه الانتباه؟ علها لأنها غفلة عامدة مقصرة لا قاصرة ، والغفلة المقصرة تنهي صاحبها الى الاعراض بل هي بنفسها إعراض.
فقد يغفل الإنسان ولا يعرض لأنها غفلة وقتية يسيرة قصيرة قد ينتبه عنها ، ولكنه إذا عاش الغفلة وتورط فيها وغرق ـ كما تلمح له الظرف (وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ) غارقون فيها ـ فهم ـ إذا ـ «معرضون» إذ لا منفذ لهم الى الانتباه حيث هم غارقون ، ومن اعراضهم عن الله وعن يوم الله وعما يتوجب عليهم امام الله فإعراضا عن حسابهم :
(ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ) ٢.
(وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ) (٢٦ : ٥).
__________________
(١) إذا أخذ مبدء الزمان زمن الإنسان الاول قبل هذا النسل وسائر الانسال الانسانية ، فقد يصبح هذا النسل عن بكرته في آخر الزمان على احتمال مضي الشطر الأكبر من الزمان قبله.