و (ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ) هو كل ما يذكرهم ربهم من رجالات السماء وكتاباتها ، و «محدث» تحلق على الكل دون إبقاء ، فكلام الله وهو من فعل الله ، محدث أيا كان وأيان ، سواء أكان ذكر القرآن ورسول القرآن ام اي ذكر في اي زمان ومكان ، وما خرافة قدم كلام الله لفظيا ام نفسيا الا هرطقة هراء وسقاطة بالعراء والله منها براء ، اللهم إلا علم الله فانه عين ذاته كقدرته وحياته ، ولكنه ليس ذكرا لسواه ، وانما يحدث ذكرا لسواه لعلهم يذكرون.
ف «التوراة والإنجيل والزبور والفرقان وكل كتاب انزل كان كلام الله أنزله للعالمين نورا وهدى وهي كلها محدثة وهي غير الله حيث يقول (أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً) وقال (ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ) والله أحدث الكتب كلها ...» (١).
ثم (مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ) كما تعني ذكريات آي الذكر الحكيم ، النازلة المحدثة تلو بعض ولصق بعض نجوما متقاطرة متتالية ، والناس هنا هم ناس الدور القرآني ، كذلك تعني ذكريات كافة كتابات السماء ، والناس هم ـ إذا ـ ناس الأدوار الرسالية كلها دون إبقاء.
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٤١٢ في كتاب الاحتجاج للطبرسي وروى عن صفوان بن يحيى قال قال ابو الحسن الرضا (عليه السلام) لأبي قرة صاحب شبرمة : التوراة ... فقال ابو قرة : فهل يفنى؟ فقال ابو الحسن (عليه السلام) اجمع المسلمون على ان ما سوى الله فعل الله والتوراة والإنجيل والزبور والفرقان فعل الله الم تسمع الناس يقولون : رب القرآن ، وان القرآن يقول يوم القيامة : يا رب هذا فلان وهو اعرف به منه قد اظمأت نهاره أسهرت ليله فشفعني فيه ، وكذلك التوراة والإنجيل والزبور كلها محدثة مربوبة أحدثها من ليس كمثله شيء هدى لقوم يعقلون ، فمن زعم انهن لم يزلن فقد اظهر ان الله ليس باوّل قديم ولا واحد وان الكلام لم يزل معه وليس له بدو وليس بإله.