وذلك من قبيل الجري والتطبيق على المشابه وبأحرى الأشبه.
(وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ) ١٦.
ان اللعب هو من الباطل للحكيم العليم ، اللهم للجاهل الغافل كالطفولة وسائر المجاهيل ، فانه ما لا حكمة ولا غاية صالحة فيه : (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ. أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) (٣٨ : ٢٨).
فلو انه لم يبعث رسلا مبشرين ومنذرين لكان الخلق لعبا وباطلا ، ولو انه لم يستأصل الظالمين المستأصلين صالح الحياة الدنيوية لكان الشرع باطلا ، حيث هم يظلمون الجو بما يظلمون ، فلا يفسحون مجالا للذين يهتدون او يهدون ، نقضا مستأصلا لدعوة الداعية ، وإبطالا لفاعلية حجج الله البالغة.
فتطبيق توحيد الله بشرعة الله في واقع الرسالة الفعالة ، والجزاء العدل يوم الاخرى ـ وشذر منها هنا ـ يبقيّ مجال الدعوة في الأولى ، كل ذلك من مخلّفات (ما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ).
فالجدّ الجادّ أصيل في خلق الكون وفي تدبير الكون وفي سنّ القوانين كونية وشرعية ، وفي الحساب الدقيق الذي يؤخذون به هنا أحيانا وبعد الموت تماما ، دون اية مسامحة ولا لعب باطل.
__________________
ـ قوله : (لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ) قال : يسألهم الكنوز وهو اعلم بها ، قال فيقولون : (يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ) بالسيف وهو سعيد بن عبد الملك الاموي صاحب نهر سعيد بالرحبة.