يصح فانه ممنوح ، وهذا الأخير سؤال ان يفعل لا عما يفعل ، والاول سؤال عما يفعل لصالح التفهم الذي يصح.
و «عما يفعل» يعم كل أقواله وأفعاله تكوينية وتشريعية ، فلو انه لم يبعث رسلا واهلكهم بظلمهم لكانت لهم عليه سؤال وحجة : (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) (٤ : ١٦٥) (وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى) (٢٠ : ١٣٤) (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (١٧ : ١٥).
فقد قطع بعدله وحكمته وفضله كل سؤال عنه عن كل سائل ، فليس (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ) استبدادا واستكبارا أعمى ، هو في العين قذى وفي الحلق شجى.
وما أسؤلة الملائكة (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها) والنبيين كنوح (إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ) إلا استفهاما دونما استفحام وإلا لكان فسوقا منهم او كفرا ، اجلّهم الله من ذلك إجلالا كريما.
اجل! وان ارادة الله طليقة لا يحدها تحدّد أم تهدّد إرادة اخرى ، لأنها منطلقة من قدرة قاهرة حكيمة ، فهو الذي يضع الحدود بتلك الارادة الطليقة فكيف تحدّ إذا او تحدّد ، اللهم إلا تحديدا من عنده كما يناسب ساحة الربوبية.
__________________
ـ اني لا اسأل عما افعل وهم يسألون وأنت عبدي ورسولي وكلمتي ألقيتك الى مريم وروح مني خلقتك من تراب ثم قلت لك كن فكنت لئن لم تنته لا فعلن بك كما فعلت بصاحبك بين يديك اني لا اسأل .. فجمع عيسى من تبعه وقال : القدر سرّ الله فلا تكلّفوه!