ثم (وَضِياءً وَذِكْراً) يتمثلان في التوراة ورسول التوراة ، فليسا هما الضياء والذكر ككل ، وانما (ضِياءً وَذِكْراً) ولكنما القرآن الفرقان هو الضياء والذكر ككل (وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ) كما هو الفرقان ككلّ.
و (الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ ..) مواصفتان للمتقين المستضيئين بضياء والمتذكرين بذكر ، (يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) وهو «بالغيب» و (يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) وهم «بالغيب» عن المشاهد» ام (يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) بالغيب في قرارة أنفسهم ، ام بسبب الغيب وهو الآخرة التي هم منها مشفقون ، محتملات اربع تحتملها كلها «بالغيب» باختلاف الجار والمجرور صدقا ومصداقا (١).
(وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ) القيامة «مشفقون» خوفا تشوبه الهيبة والعظمة.
(وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ) ٥٠.
(ذِكْرٌ مُبارَكٌ) يحمل كل فرقان وضياء وذكر دون إبقاء ، فالبركة هي الرحمة الواسعة المباركة «أنزلناه» بعد كتابات السماء وآياتها كلها ، وهي تشملها وزيادة قضية الخلود «أفأنتم» المألوفون بمرور الضياء وكرور الذكر والفرقان «له» الشامل لها كلها «منكرون» فباحرى ان تنكروها إذا «أنتم (لَهُ مُنْكِرُونَ).
فنكران القرآن الفرقان نكران لكل فرقان لاي نبي كان ، ولا مجال لنكرانه لكتابي حيث الالفة بوحي الكتاب تلزمه على الايمان به ولا سواه ، فانه آية بيّنة الهية تدل على وجود الله لناكريه ، وعلى وحدته لمشركيه ، وعلى وحيه الرسالي القمة للمترددين فيه ، فهو الفرقان الضياء الذكر المبارك
__________________
(١) فالياء على الثلاثة الاول بين ظرفية وسببية ، وعلى الاخيرة سببية ، والغيب على الترتيب غيب الله ـ غيبهم عن الناس ـ غيبهم في أنفسهم ـ غيب الآخرة.