الذي (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ).
(وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ) ٥١.
«من قبل» هنا قد يعني ـ فقط ـ من قبل موسى وهارون ، ولكنه إيضاح للواضح حيث القبلية الزمنية لإبراهيم واضحة لدى الكل!.
فقد تعني ـ فيما عنت ـ القبلية الرتبية وأوليتها بالنسبة لموسى مهما شملت الزمنية ، وكما عبر عن الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) بأول العابدين فقد «أوجس (فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى) ولم يوجس ابراهيم حين وضع في المنجنيق (١) وابتلي بابتلاءات لم يبتل بها موسى ، وهذه من قبليته الرتبية على موسى.
أم وقبلية في حياته ، ان رشده في الدعاية الصامدة التوحيدية كان قبل إمامته ورسالته ، حيث كان في حضانة آزر وهو بعد طفل ، لم يبلغ مبلغ الرجال ولا الشباب ، فقد بزغت دعوته هذه منذ بزغت حياته العقلية الطفولية ، وذلك الرشد هو من عطيات الله.
(وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ) ولم تكن عطية مجانية فوضى ، بل (وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ) انه يوفّي ويكفّي أمانة الله.
__________________
(١) بحار الأنوار ١٢ : ٣٥ عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي قال سألت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) عن موسى بن عمران (عليه السلام) لما رأى حبالهم وعصيهم كيف أوجس في نفسه خيفة ولم يوجسها ابراهيم (عليه السلام) حين وضع في المنجنيق وقذف به في النار؟ فقال : ان ابراهيم (عليه السلام) حين وضع في المنجنيق كان مستندا الى ما في صلبه من أنوار حجج الله عز وجل ولم يكن موسى (عليه السلام) كذلك فلهذا أوجس في نفسه خيفة موسى ولم يوجسها ابراهيم.