إحياء من هلك ، ورجوع من سلك ، ثم (وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ) قد تعني مماثلة الكم والكيف ، والمعية وهي الملائمة الموافقة ، قد تلمح ان الزوجة الثانية انضمت الى الاولى بكل وئام واحترام ، وكل ذلك (رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا) لأيوب الصابر في محنته (وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ) على مر الزمن ليقتفوا اثره في الصبر على الضر لله وفي الله ، دونما شكوى على الله! وهنا اللمحة اللامعة ان العبودية كلما ازدادت وتقدمت ازداد العبد بلاء ، ولكي يرتقي العابد بذلك المرقى ما لا يرتقي بسواه.
(وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ ٨٥ وَأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ) ٨٦.
واذكر «إسماعيل» ابن ابراهيم (وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ) في حياتهم الرسالية ف (كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ) ولا سيما إسماعيل إذ قال له أبوه (يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ).
فلذلك الصبر البالغ ذروته (وَأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ) فالصبر الصالح والصالح الصابر داخل في رحمة الله ، والصبر مفتاح الفرج (١).
(وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ٨٧ فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) ٨٨.
«ذا النون» هذا وهو يونس بن متى النبي ، يضرب هنا مثلا مذكّرا
__________________
(١) راجع تفسير قصة إدريس في «مريم» وإسماعيل في «الصافات» وذي الكفل في «ص».