انها لا تلمس العذاب ولكن عابديها يلمسونه بما تدخل هي في النار ، عذابا لهم فوق العذاب ان آلهتهم كامثالهم وقود النار ، فكما ان أبدانهم أنفسهم لا تحس العذاب وانما الاحساس للأرواح ، كذلك أوثانهم ، والقصد إيصال العذاب نفسيا الى أرواحهم الجهنمية ، وكما تبينه :
(لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ) ٩٩.
حيث الإله يورد النار ولا يردها ، إذا فما هؤلاء الواردون فيها بآلهة ، وكل من العابدين والمعبودين فيها خالدون ، وهذه الحجة برهان واقعي ووجداني ينتزع من نفس المشهد الواقع هناك ، المعروض عليهم هنا وكأنه المشهود الآن! وحصب جهنم هي وقودها التي تتقد النار بها ، لأنهم اصول الضلالة عابدين ومعبودين ، فليكونوا اصول الجحيم (فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) (٢ : ٢٤) فالناس هم العبدة والطواغيت هم المعبودون والحجارة هي الأصنام (وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ) (٣ : ١٠).
فما الحصب ـ فقط ـ الحطب ، إذ لا حطب في الجحيم ، وانما الوقود أجسادا وأحجارا هنا ، ووقودات اخرى تناسب تلك النار المتأججة الشديدة ، من طاقات حرارية فوق ما نعرفها في حياتنا الدنيا.
والحصب في اصل اللغة هو ما يرمى به من الحصباء وهي الحصى الصغار ، يقال : حصبنا الجمار : قذفناها بالحصبات ، فشبه سبحانه قذفهم في جحيم النار بالحصباء المرمية فيها ، من ذلّ مقاذفهم ، وهوان مطارحهم.
ولماذا هناك (أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ) وهنا (ما وَرَدُوها)؟ علّ اللام للتأشير انهم كحصب الوقود يصلحون للنار حيث يصلحونها إحراقا لمن في النار ، فمن اهل النار من يردها وهم المصطلون بوقودها الصلاء ، ومنهم من