(يا وَيْلَنا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا بَلْ كُنَّا ظالِمِينَ) فانها كانت غفلة التغافل التجاهل ، عامدة مقصرة غير قاصرة ، تفجع المفجوء الذي تتكشف له الحقيقة الرائعة المروّعة بغتة فيذهل ويشخص ببصره فلا يطرف ، ويدعو بالويل والثبور ، معترفا بالتقصير متندما وقد فات الأوان.
فهذه الدولة المباركة السعيدة ـ بتلك الرجعة عندها ـ هي من أشراط الساعة ، كما والرسول محمد (صلّى الله عليه وآله وسلم) هو نبي الساعة ونبوته من أشراط الساعة ، كما وبعض آياته الرسالية كانشقاق القمر ، هي من أشراط الساعة : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) ولكنما الدولة الاخيرة هي اقرب شرط من أشراط الساعة ، وهي باقية حتى الساعة!.
(إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ) ٩٨.
(ما تَعْبُدُونَ) تعم كل ما يعبد من دون الله أوثانا وطواغيت ، فلا تعني «ما» فقط غير ذوي العقول بل وذوي العقول ايضا كالطواغيت فإنهم أحرى حصبا لجهنم مما لا يعقل ، ولا ضير في شموله ـ إذا ـ لعباد الله الصالحين حيث هم ناجون لمكان مكانتهم من الله ، وانهم لم يدعوا أحدا الى عبادتهم ، وقد سبقت لهم الحسنى فهم عنها مبعدون كما بعد آيتين ، واستعمال «ما» في ذوي العقول ، او في المجموعة غير شاذ في القرآن ، و (لَوْ كانَ هؤُلاءِ) تؤيد هنا العموم ، وعلّ «ما» هناك دون «من» للتأشير الى ان عبادتهم خلاف المعقول ، وان الداعي منهم الى نفسه داع الى غير معقول ، فغير الداعي الذي لا يدعي لنفسه ما يدّعون ، كالذين سبقت لهم الحسنى ، فهم عنها مبعدون.
وترى هؤلاء الطواغيت حقا عليهم انهم معهم حصب جهنم ، فما بال الأصنام وهي لا تشعر وليست لها دعوة؟.