وقد تعنى «الساعة» الساعات الثلاث كلها «ساعة الرجعة والموت والقيامة (لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى) حيث المجهولية في كل منها تدفع الى السعي خوفة منها ، مهما كانت الاخيرة هي الاصيلة بينها ، والأوليان تتبنيانها.
ثم (أَكادُ أُخْفِيها) في مواصفة الساعة ، قد تعني سلب الخفاء وإيجابها معا ، فلو عنت السلب فقط ، فقضية الفصاحة : أكاد أظهرها ، حيث السلب في مادة الإفعال بحاجة الى قرينة تسلبها عن إيجابها كما في (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ) اي مسلوبي الطاقة في الصيام ، ثم وعناية الإيجاب هي قضية ظاهر الإيجاب.
والجمع هنا بين سلب الخفاء وإيجابها جمع بين ما يعنى من الساعة ، ف (أَكادُ أُخْفِيها) سلبا لخفائها لمدى الحتمية القاطعة لوقوعها ، لحد أكاد أظهرها قبل أوانها ، ام أعلن بوقتها قبل مرساها ، ولكن (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (٧ : ١٨٧).
فذلك السلب مستحيل ، و «أكاد» فيه مبالغة لتحقق وقوعها لحد أكاد أسلب الآن خفاءها ، ومن ثم سلب الخفاء عن واقعها وهو إقامتها في وقتها ، وذلك ممكن ، وأكاد فيه تقريب لوقوعها : (وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً) (١٧ : ٥١).
وإيجابا : ان الساعة خفيّة حسب الحكمة العالية والمصلحة الملزمة ،