لحد (أَكادُ أُخْفِيها) على نفسي (١) كما أخفيتها على غيري ، ف «أكاد» هنا مبالغة لطيفة تعني غاية الخفاء لها ، لحد لو أمكن لكنت أخفيها على نفسي!.
و «أكاد» هنا لا تكاد تعني قرب الزمن لإخفائها سلبا او إيجابا ، وانما هي تأكيدة لامعة لتأكد واقعها في وقتها ، واستحالة إظهارها قبل وقتها حيث «ثقلت في السماوات والأرض لا يجليها لوقتها الا هو»!
وما ألطفها وأعمقها تعبيرا عن مدى خفاء الساعة ، ولماذا؟
(لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى) : (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ .. لِتُجْزى ..) و (أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى) فأصل الجزاء هو غاية الساعة في إتيانها ، وخفاءها غاية «بما تسعى» ، ام (لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى) غاية لهما.
فان الساعة هي الموعد المرتقب للجزاء العدل والفضل ، فتتجه إليها النفوس المؤمنة فتحسب حسابها ، سائرة في الطريق مراقبة تخشى الانزلاق بجيئتها المفاجئة الفجيعة.
فإذا كانت المجازاة هي المقصودة من إتيان الساعة ، فلتكن قاطعة الإتيان لحد (أَكادُ أُخْفِيها) إزالة لخفائها ، ولتكن خفية في وقتها ليكون الخلق في كل حين على حذر من مجيئها ووجل من بغتتها ، فيستعدوا لها قبل
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٣٧٥ في مجمع البيان وروى عن ابن عباس «أكاد أخفيها من نفسي» وهي كذلك في قراءة أبي وروي ذلك عن الصادق (عليه السلام) أقول هذه القراءة مطروحة او مؤولة الى انها كتفسير لأخفيها وفي الدر المنثور اخرج تفسير «من نفسي» عن ابن عباس ومجاهد وقتادة وأبي صالح وعن ابن مسعود : أكاد أخفيها من نفسي يقول : اكتمها من الخلائق حتى لو استطعت ان اكتمها من نفسي لفعلت ، وعن أبي : أكاد أخفيها من نفسي فكيف اطلعكم عليها.