حلولها ، ويمهدوا أنفسهم قبل نزولها (لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى).
والمجهول زمنا ، القاطع اتيانا ، هو عنصر اساسي في حياة الإنسان ام اي مكلف كان ، لتكوينهم النفسي ، متطلعين اليه ، متبنين حياتهم عليه ، فلو كانت الساعة لهم مكشوفة لوقفت نشاطاتهم ، وامنت حياتهم ، ولكنهم وراء المجهول المأمول يجرّون ، فيعملون لما يأملون ، ويجربون ويتعلمون ، ويكشفون المخبوء من طاقاتهم وسائر الطاقات ، فيرون آيات الله في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم انه الحق او لم يكف بربك انه على كل شيء شهيد.
تلك الساعة المجهولة الأمد تبشرهم بثوابها إن عملوا الصالحات ، وتحذّرهم عن عقابها ان عملوا الطالحات ، فهم بذلك مندفعون الى كل خير ، دافعون عن أنفسهم كل شر ، حتى إذا أتتهم ساعة الجزاء فتبغتهم رابحين ، ساعة الموت او الرجعة ام القيامة الكبرى (لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى) ـ (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى. وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى. ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى) (٥٣ : ٤٠).
وهنا نعرف ان السعي ـ فقط ـ هو عامل الجزاء ليس إلا ، فلا فوضى هنا لك في الجزاء ، ولا تزر وازرة وزر اخرى ، ثم ولا جزاء بنيّة دون عمل فانها ليست مما «تسعى» اللهم الانية الصالحات لمن لم يسطع ان يعملها ، فلصاحبها الجزاء الحسنى فضلا من العلي الأعلى ، وذلك بدلالات اخرى غير (بِما تَسْعى) وكما ان آيات حصر الجزاء بالأعمال (هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) تخص العقوبات ـ فيما تخص ـ بالأعمال الطالحة دون النيات فقط.
ثم (بِما تَسْعى) دون «بما تعمل» قد تلمح بكدح في العمل ، فالصالحات المتفلتة دون سعي ، والطالحات مثلها كما اللمم ، قد لا يجزى